مبروك سديم .. تزوجتي؟

Friday 31 August 2018





مبروك سديم .. تزوجتي .. !

كان كل شيء كالعاصفة، دائماً يخيل لي سأتخذ هذا القرار بعد سنه وخمسة أشهر من التفكير، ربما بعد أن أكون شخصاً آخر قد فقد عقله في مكان ما، لا أتخيل أن أستيقظ من النومٍ لأن شخصاً آخر ينتظرني، أو أتصل بالهاتف لأسأل عن الأحوال؟ أو أن لا أقفل هاتفي وانا نائمة لمدة يوم ونصف، فكيف أن أقول كلاماً معسولاً كل يوم؟ وأن يكون من أعماق قلبي ؟ أي مصيبة تلك؟ 

لحظه .. أين قلبي؟
في أيٍّ صندوقٍ نَسِيتَه؟





أو أرجع بعد يوم منهك لأحكي أدق تفاصيل يومي  المتواضع لشخص ليس أمي، مثل كيف تتحدث الدكتوره بلهجتها المصريه السريعه، أو كيف تمشي الأستاذه ذات الخبره والثقافة المحدوده بغرور .. دون أن تكون بيدها المغرفه تسكتني بغضب ظاهر وضحكه مكبوته .. : خلي الناس في حالها ياسديم " .. آه تذكرت سأشتري مغرفة، مالمغرفه؟ طبخ؟ 
 و دون أن أقبل يدها المبتلّه لأنها ما إن رأتني قادمة من يوم منهك تغسل يدها المليئة ببخاار الطبخ .. تلك الرائحه .. حياة وطبطبه.


تخيل عزيزي القارىء ولأول مره أقرر كتابة نص ساخر ثم تخذلني دموعي .. الحقيقة أنها ثالث مره .. حسناً .. ثالث مرة وثلاث أرباع

انتزع " سلطان " شيئاً فيني ، تلك الهاوية كان بابها يحتاج لمزلاج جديدً فنسيت شرائه، ها أنا أطفو فأقسم هو أن يعلمني السباحه، قلت له مره أني متأكده أنه يوجد على جدران غرفته خارطة كبيره و دائرة حمراء في منتصفها صورتي.. كيف يختار الكلمات؟ ويقف بمحاذاتي بالاراء، وكيف بعد ذلك يمثل إندهاشه بالصدفه؟. سلطان .. متى قلت لي " تتزوجيني؟" وربك لم تقلها. 

بدأت تلك العاصفة بالموافقة وأنا أقف بفستاني الأحمر ومعي القلم الأزرق لأوقع، غاضبة كعادتي: ليه الشيخ مايجي يسألني شخصياً هل أنا موافقه؟. 
فيجادلني أخي المصادم لي بالاراء: مابعد اسقطو الولايه.. وقعي
فأتمتم كتبرير: يجي يسألني.. عشان يتعلم أن هناك نِساء يُجْبَرْن على الزواج ويؤخذ التوقيع بالإجبار.
: انتي مغصوبه؟ 
: لا
: طيب نخلي امي توقع؟ 
وقعت .. توقيع يشبه توقيعي في اختبار اول سنة للتخصص في مادة مبادىء القانون تحديداً .. توقيع غريب.. خائف .. واثق.. مندهش من نفسه كطالبه في القسم العلمي مفتونه بالفيزياء والرياضيات، ثم اختارت القانون.

إشتريت " تُل أبيض" وحفظت في هاتفي أغنية" كبرت البنوته" وجلست أمام صديقاتي ومثلها أمام أقربائي. ونحن في وسط حديثنا فجأه أقوم بتشغيل الأغنية و ألْبَسُ " التُل" ك " شرعة " عروسه. ثم أراقب أعينهم المندهشه والغير مصدقه .. 

إحدى خالاتي تسائلت بعد رؤيتي " بتنقلون تسكنون في المزاحميه"؟ فتسائلت هل يبدو وجهي كمنزل وشعري كنخله؟ يبدو أنه يبيلي كيراتين " مادة معالجة لتنعيم الشعر"

لمَ كنت أبكي بعد كل ردة فعل منهم؟ حتى أنا كنت متعجبه بقدر دهشتهم، كيف حدث كل ذلك؟


هناك أمر مجاني وحيد في هذه القصة ، تحصل على نصائح مجانية زوجيه في كل مكان، دون أن تطلبها حتى، أتعجب من إقامة تلك الدورات التدريبية المتعلقه بالعلاقات الزوجيه، ألم يجربو الحديث مع أي شخص عابر؟

النصائح تأتيك من الأشخاص الخطأ مثل ما يهديك المدخن نصائح صحية، والمدين نصائح ماليه
 أشعر أني كنت ألبس خوذة قد لُطخت بدماء قلبونا وهواء أحلامنا، ودرع حديديّ ثقيل وتاج أخضر .. لن أدخل تلك المعركة التي يتصارع بها الجميع، ألا يبصر أحدكم أن لكل شخص ظروفة الخاصة وحياته الخاصه ومشاكله الخاصه أيضاً؟ منذ متى خلقنا الله متشابهين في كل شيء؟ألا يوجد أحد ما يهديني نصيحة محتواها هي أن لا أسمع نصيحة أحد ؟

أتعلم ماهو اسوء من " الطفره"؟ هو وجود مبلغ مالي في جيبك لكنه ليس مُلكُك، لاتتصرف به كما تريد، يجبرك العرف أن تشتري قائمه من المشتريات الغريبه لكن هل تعلم عزيزي القارىء ماهو الصراع الحقيقي؟ هو أن تحافظ على نفسك بين كل تلك العاصفه .. هذا ذوقي أنا لست شخصاً مختلف لأني " عروس" كما تدعون .. أنا فقط سأنتقل من غرفتي إلى منزل آخر يقطن فيه شخصاً يعجبني ويكره الأكل الحار كما أكرهه أنا لكنه يحب منتجات الحليب وسأقوم بكتابة مذكره تفاهم بيننا وها أنا أخبرته بأني سآخذ معي بعض الاغراض التي تمثل هويتي وهي مكتبتي ومكتبي و الصبار .. انا سديم لست امرأه آليه ستنتقل للمريخ أو لا تعرف فنون الرقص في زفافها 

كنت اطلب من الله ان لا يطفىء الإندهاشات في عينيّ. وفعلاً . تخيل عزيزي القارىء سأعطيك نبذة عن مايميله المجتمع " الطبيعي" كما يدعون. 
: العروسه ماتتقهوى ! وش تقعدين تتقهوين قدام الناس! 

هل أنا " مهبوله"؟ لا أتقهوى في زواجي؟ بل صبو النبيذ أيضاً إن سمحت لنا الدوله ! وفوق كل ذلك فُرض عليّ ان آتي متأخراً! العدالة المتأخره هي و الظُلمُ سواء يا أخوان! سأصب القهوه وسأقرقع الفناجيل مع صديقاتي ايضاً رغماً عن انف بروتكولاتكم التي لا تسمن ولا تغني من جوع
إسمع للمصيبه الاخرى! أنا فيفي عبده الدحيم لا ارقص في زواجي! انا التي أُطلب طلبيات خاصه من الاقارب لحضور زواجاتهم لأُشعللها ! لا أرقص؟ أنا التي اواكب الضغوطات و الحزن وأعبر عن الفرح بالرقص .. لا أرقص؟ كُسرت يداي دون أن اعيي! هل بُترت قدميّ مع التوقيع؟ هل أعطونا المهر وسلّمت عقلي لهم.؟ 

إندهشت كثيراً .. وهربت كثيراً كهروبي أثناء ما أقتربت مني موظفه " فكتوريا سيكرت" وقالت: هذا العطر سيكسي. فضحكت بصوت عالِ وناديت " زوجة اخي" التي كانت ترافقني .. : تعالي تعالي اسمعي وش تقول .. تقول عطر سكسي وشلون يعني

لن أنسى أعين زوجة أخي والموظفه .. كانت أعينهنّ صادقه ! لم أكذب عندما قلت أنني من المريخ




في حفلة الزواج ! إدعمي بنات الوطن ياسديم 
قلتها بيني وبين نفسي، بنات و عيال الوطن مبدعين مايقصرون

: اختي ! انا غير الاربعين الف ما اطلع؟ 
: معليش اختي مارديت عليك لي شهرين وثلاث ميه ساعة بس اصبري شوي مضغوطين احنا
: عشان اصورك لمدة ثلاث ساعات وفري لي مكان مناسب و كره ارضية مناسبه فاضيه لها اضائة مناسبه و السعر ١٥ الف لأن تعرفين الالبوم وكذا والفديو والمونتاج صحيح انتي ماراح تطلعين بقناة سي ان ان بس انتي عروس! 
: العروس! يبيلك فستان تلقلقين فيه كله شك وكرستال سوارفسكي بس ترا بالطعشات تعرفين ! عروس 
: تجين البيت ميك اب بالفين وخمس ميه اجيك للقاعه! اربع الاف بس ترا ما اطلع بيوت 
: وش طول شعرك! عروس! اوكي ثلاث الاف

ثم ظهر لي من بين اصواتهم تلك.. صوت سعودي يقول " انا براعيك بالسعر اللي تبينه والتصميم اللي تبينه" فقلت دام عزة ياوطن .. صحيح مايعرف لك الا ابناء وطنك.. ما أجمل " الكوشة" الموضوعه في حسابه الخاص.. راقيه والوانها جميله .. رد عليّ وهو في سيارته وصوت هواء الشباك يغطي علي صوته: هلا اختي.. انا ذلحينه في الطريق اباصل بس وبكلمس، بالسعر اللي تبينه ابد ابشري متى تجين المكتب عندنا؟ 

سديم .. لا تدعين العنصريه تغلب عليك .. ابن الصحراء هذا ذو ذوق رفيع بالتأكيد سيصمم لك بسعر مناسب كوشه بالوان غروب الشمس ورائحة القهوه العربيه الاصيله .. إدفعي له .. إدفعي وتغلبي على الشعور القلق بداخلك إنها العنصريه ليس إلا .. 



تصفحت الإنستقرام .. حتى وقعت عيني على نفس تلك الصوره الجميله في حساب ابن الصحراء ، تحدثت معه وقلت بنيه صافيه: هذا المصمم ذو الجنسيه العربيه لديه نفس تصميمك 
فرد عليّ : نعم .. انا اتعامل مع مصممين وخصوصا المصممات البنات 
كان يحاول جذب الشعور النسوي الذي بداخلي 
قال : انتي تعالي هاليومين نكتب العقد وتدفعين لاني بسافر بعدها 

تحدثت مع صاحب الصوره الاصلي فقال بشكل غاضب: هيدا التصميم تبعنا. مين اللي نسبو لنفسو؟ شو جنسيتو 

فقلت له : مابعرف جنسيتو .. اصابتني غيره عجيبه على جنسيتي ، لا ليس سعودي 


ثم ظهر لي من بين بنات الوطن صوت .. يقول لي " هيدا بيلبأ لك " معلش انا متل اخوكي بس بنصحك نصيحه .. انتي ميزانيتك هيك فبعمل لك هيك.. 
يزيح خصلاته الشقراء من أنفه الصغير ويقول: شو رايك بهيدا المسكه ياعروسه؟


:بعرف انتي تحبي التصوير الاوربي اللحظات العفوية هيك وصحباتك يزينو الفستان وانتي بتضحكي لهم.فهمت عليكي كويس

ثم فقالت في نصف حديثي معها وأنا أشرح كيف أريدها أن تلتقط اللحظات التي لا ينتبه لها أحد: هدوئك مايطمن، انا ما اصدق هذا الهدوء، أنتي شخص آخر لما بتعصبي، إنتي عصبيه؟
ثم أكملت حديثها : معليش شو بيشتغل زوجك؟ شو؟؟ كيف التقيتو بالشخصيات؟


ثم تخرج عن الموضوع وهي تتأمل عينيّ: مبين قوية شخصيه بس اوعك تسمحي له يتكل عليكي بكل الأمور وهو يخرج منها، لاتمسكي ميزانية البيت او تطلعي تجيبي اغراض وهوا جالس. 




فدفعت لها.. نعم دفعت لأنني ولأول مره يتطفل شخص ما ويزيح الستار عني، أحسست ولأول مره بأني لا أحتاج للحديث والشرح أكثر .. 
الحقيقه أنني دفعت لها لأنها إستخدمت المرونه والذكاء معي،طلبت موقع المنزل وقدمت لي بعض أعمالها واستطاعت ان تخرج بألف وخمس مئه إضافيه .. سأدفع لأن لذكائها ومرونتها نصيب ولا تتخذ مِهْنَتٌهَا كدستور لا يتغير.. هي ذكيه وتستحق ذلك ولاتغلق الباب أمام كل من يريد أن يساوم

عندما نهضت وقالت أنها في هذا المجال خمسة عشر سنه عرفت أن العمل بمخالطه الاشخاص الاخرين يُعلمك أكثر
 شعرت بأني اريد ان اترك كل شي واتجه لاقرب مكتب محاماة عندما قالت: مهنتك تشبه مهنتي، نتخالط بالناس من شان هيك انا بعرف.


نعم .. قد دفعوني أبناء الوطن بالإتجاه المعاكس نحوهم، لم أجد الذكاء الذي يجعلهم يخدمون جميع طبقات المجتمع، ولم يخصصو وقتاً كافيا للتسويق بأنفسهم على الأقل .. يتباهون بعملهم المعتاد و يشعرون أنهم يملكون الحق بسلب أموال زملائهم المواطنين باسم الوطنية .. لن أدعم

كتبت كثيراً لهذا النص المتواضع، لكني تراجعت وأزلت نصف الصفحات التي تسمعونها الآن، لا يريد الإنسان أن يشعر بأن روحه عاريه، أو واضح بشكل زائد، هو لا يخشى الناس بقدر مايخشى نفسه، أتشعر بكل ذلك؟ أم هذه حيلة كاتب للفت الإنتباه! أضنك يا سديم تتحدثين عن أشخاص خياليين ولكن هذا لا يعني أن تلك الأحداث او هذا الشعور لا يحدث في هذا العالم! بالتأكيدِ شخص ما شعر بذلك فكتبتي لأجله ..
أحب أن أدس شعوري من بين تلك الأسطر ثم أهرب لكي لا يقبض عليّ أحد متلبسه .



0 التعليقات:

Post a Comment