تتصلون على الاخرين وتقومون بالولائم ثم تسألوا: مين !

Tuesday 19 February 2019



أنجزت مهامي المتراكمة على رأسي بسرعة البرق، وأنا الجالسة على مكتبي الصغير الذي بدأ يفقد توازنه جراء ضغطي عليه، أُخبأ تحته كيس ضخم مليء بمستحضرات التجميل والكعب الطويل وفستاني الذي بدأ ينسى انه فستان
اوصي ثلاثاً لزميلات المكتب: انا ترا بعد ست المغرب ما قدر اجلس لازم امشي عندي مناسبه



هرعت الساعة السابعة والنصف، بدلت ثيابي واتجهت لسيارة السائق، امسك بفرشاة البودرة بيد وبرنامج الخريطه المتحدثة بيد، شوارع الرياض كانت هي أخصائية التجميل الخاصة بي، وقرر" جبل ما " اقصد " مطبه ما " ان تتحكم بخط الكحل المناسب لي . على حسب ما تمليه عليها قوانين الموضة

وقفت عند محل وود، لأقتني ورداً لقريبتي، ولان صحائف الدعوى لا تسمح لك بتعلم الطبخ فكيف بإجراء اللازم وتوجيب الآخرين اخترت أن اقتني النبتة البريئة المقرر لها الموت بعد أيام،أما عن صمودها في وعاء ما فيعني جودة اختيار البائع لا جهدها وقوتها.
وقفت عند عمارة ما، هرعت مسرعة ووقفت أمام شقة، ضربت الباب ثلاثاً فجاءني صوت: مين؟
هه! تتصلون على الاخرين وتقومون بالولائم ثم تسألوا: مين !
فرفعت صوتي: انا ! فكرر الصدى ورائي" انا"
"أنا! من أنا؟ لماذا أنا هنا؟ والى اين اتجه؟ هل أنا هي نفسها المعنى الذي اقصده عندما كنت اجيب ب " أنا " قبل ثلاث سنوات؟ هل أنا هي فعلا ماكنت اطمح أن أكونه واجيب ب " أنا " بمعنى حقيقي بعد كل .."
فقطع حبل افكاري فتاة بعمر الثانية والثلاثين، قصيرة القامة ممتلئة الجسم جميلة الأنف ترفع راسها لتراني بوضوح، انا هناك بعيده.. مع الكعب وطول جدي العاشر، حتى طموحي عزيزتي الفتاة هناك بعيد بالكاد أصله
شعراتها المتطايرة يمنةً ويسرة، بجامتها المخملية الدافئة وانا امامها بفستاني المفتوح، ما هذا الدفء، تمنيت لو هرعت لكتفها لأقضي باقي اليوم نتحدث عن الصدفة و معنى " الانا" وما رأيها بأصحاب المظاهر بشكل عام وهل نحن" إمعات" عندما نقبل بفكرة ما بعد خمسة أيام من سماعها؟ وما المقصود بالحلم؟
ثم انتبهت لنفسي وقلت" معليش غلطانه"
وهربت كأنها ستقبض علي، كأن رغبتي بالدخول لمنزلها تهزمني، فطلت بوجهها وقالت: وش تبين اي عماره؟"
وصلت للعمارة المقصودة، ودخلت اخر الضيوف، فسلم عليّ نظرات العتب والشفقة.. يووه توك تطلعين! عسى الراتب يسوى؟
اتمنى لو كان الموضوع يقف على الراتب، ياليتني أهرب باتجاه المال فقط

ثم بدأت تلك الدوامة المتكررة عند دخولي متأخراً
امسكي سديم تبين هالحلا؟ عطيها من الكيك! لا لا عطيها من هذا احسن فامتلأ فمي خلال خمس ثواني ولم استطع ان اجيب عندما سألني احدهم/ كيفك؟
فكنت اهز رأسي كأنني أمام دكتور اسنان


كانت امامي، بشعرها المسكوب، تلبس قلاده بخمسين الف ريال، تخرج هاتفها المحمول من حقيبة هرمز.. ساعتها! بمئة وعشرون الف ريال، تركن قدماها على خمسة الاف ريال
مالمجموع! اممم صفر، او فاي
اكتشفت ذلك عندما تحدثت احدى كبيرات السن عن معناتها بالحصول على تصريح سفر دون وجود زوج أو أب أو أبن ذكر، أما عن حفيدها فهو يوازيها طولاً
تقول من ضمن سياق الحادثة أنها دخلت على " قسم الرجال" غاضبة، تصرخ باتجاه المسؤول" انا كبيرة! واحتاج اسافر بسبب الظروف ما اقدر اجيب لكم تصريح اخوي منشغل "

فقال مطمئناً: تفضلي يا خاله ولا يصير خاطرك الا طيب الحين اضبط لك التصريح، فحرك يدك باتجاه أوراقه و هاتفه و الحاسوب، كأن الأمر يحتاج إلى موافقة الجميع إلا هي.
ثم انتهى من ذلك وقال: انا خلصت الحين، بس الله يعافيك ولا عليك أمر خلي اخوك المشغول يجي يستلمه.. بس .. يستلمه .. لا تتعبين نفسك

فأكملت صديقتها وقالت: إيه والله الله يجزاه خير، الله يفرج عليه، أثر الموضوع سهل؟ واشوف الموظفات بالقسم النسائي ماهم متعاونين ولا سهلوا الموضوع.. والله أن الموظفين افزع منهم .

آه.. أيتها المسكينه.. حبيبتي انتي..

فردت صديقتنا المناضله: ايه  والله.. يعني مثلك المفروض ازواجهم متوفين وماعندهم عيال رجال ليه يصعبون عليهم الأمور؟ بس تبين الصدق؟ النظام هذا كويس للباقين يعني البنات والا اللي ماعندهم أهل يراقبونهم، والا المطلقات؟ والله مشكله لا والله لا يعطونهم.

آه.. أيتها المسكينه.. حبيبتي أنتي..



0 التعليقات:

Post a Comment